مؤرخ
القدس 1925
يعد المؤرخ و العالم وليد الخالدي من أهم المؤرخين الفلسطينيين ، فقد
كان له أثر ملموس في المنح الدراسية وبناء المؤسسات وفي المجالين الدبلوماسي و
السياسي ، وكان رائداً ومبدعاً وصوتاً فلسطينياً هاماً في المحيط العربي ، وساهمت
كتاباته في شرح و تحليل الواقع الفلسطيني خصوصاً اللجوء إلى الدوائر الأكاديمية
الغربية خصوصاُ مقالته " التفكير فيما لا يمكن تصوره " في مجلة الشئون
الخارجية ، عام 1978 ، فقد طرح فكرة دولة فلسطينية في القدس الغربية وقطاع غزة في
داخل الدوائر الأكاديمية.
ساهم في تأسيس الجمعية الملكية في عمان ومؤسسة الدراسات الفلسطينية في
بيروت
ولد عام 1925 في مدينة القدس وهو ابن أحمد سميح الخالدي مدير كلية
العربية الحكومية إحدى الكليات الرائدة خلال فترة الانتداب البريطاني ، وهو سلسل
لعائلة الخالدي التي أنتجت العلماء والفقهاء والمفكرين فقد ساهم ذلك في نمو الحس
الوطني بالمسئولية تجاهه.
أكمل تعليمه في لندن وأكسفورد الجامعات في عام 1945و 1951، على التوالي
حيث حصل على درجات علمية في الفلسفة والدراسات الإسلامية. بعد ذلك عمل محاضراً في جامعة
أكسفورد ، وقبل ذلك عمل مع موسى العلمي في
مكتب جامعة الدول العربية في مدينة القدس ، عمل في وزارة المعلومات و الخارجية
الفلسطينية غير الرسمية
شعر بالتعقيدات في السياسة الفلسطينية والتيارات
الغادرة في العلاقات بين الدول العربية وشهد كارثة هزائم 1947-1948. هذه التجارب المؤلمة
كانت أساسية في تشكيل رؤيته للمأزق الفلسطيني، في العالم العربي،وللنظام الدولي.
واستقر وليد الخالدي في الحياة الروتينية من دون
أكسفورد بعد عام 1951، تدريس في كلية الدراسات الشرقية والبحث وكتابة
في الفلسفة الإسلامية. هذه الفترة الهادئة في كتابه
كانت الحياة لا تدوم. غضب من التورط البريطاني في الهجوم البريطاني الفرنسي الإسرائيلي
الثلاثي على مصر في أكتوبر عام 1956، استقال الخالدي له موقف في جامعة أكسفورد، وعاد
إلى بيروت للانضمام إلى دراسات السياسية والإدارة العامة قسم من الجامعة الأميركية
في بيروت (AUB)،
حيث وصل بسرعة رتبة أستاذ، وشغل منصب أستاذ زائر في برينستون وهارفارد الجامعات، حتى
عام 1982. في كتابه عقود من
التدريس في الجامعة الأميركية في بيروت وغيرها، وأثر الخالدي عدة أجيال من الشباب
العربي .
في سنة 1963 أسس وليد الخالدي في بيروت واحدا من
أكثر مشاريعه طموحاً، أي «مؤسسة الدراسات الفلسطينية»، التي تنكب مع قسطنطين زريق
(سوري) وبرهان الدجاني (فلسطيني) عبء بنائها وتطويرها حتى صارت واحدة من مؤسسات البحث
العلمي المشهورة في العالم العربي، وانتشرت مكاتبها في لندن وباريس وواشنطن ورام الله.
وتولى وليد الخالدي أمانة سر اللجنة التنفيذية للمؤسّسة، بينما تولى قسطنطين زريق رئاسة
مجلس الأمناء الى حين وفاته في سنة 2000.
غير أن وليد الخالدي
هاله ما حدث في حزيران 1967، وأورثته هذه الهزيمة قدراً كبيراً من التأمل، ولا سيما
بعد فقدان مدينة القدس وبقية الأراضي الفلسطينية. وانكشفت له الفجوة التكنولوجية بين
العرب وإسرائيل التي كانت أحد أسباب الهزيمة. وقاده التفكير في هذه المعضلة الى تأسيس
هيئة علمية لدراسة هذه المشكلة. وتعاون، في هذا الأمر، مع البروفيسور أنطوان زحلان
ومع الأستاذ برهان الدجاني، فأسّسوا «الجمعية الملكية العلمية» في الأردن. لكن وليد
الخالدي وأنطوان زحلان وبرهان الدجاني اضطروا الى الانسحاب من هذه الجمعية بعد أحداث
أيلول 1970. وانصرف مع أقرانه الى تطوير مؤسسة الدراسات الفلسطينية، وكان له حضور قويّ
في الفكر السياسي الفلسطيني، كما أنه ساهم في صوغ خطاب ياسر عرفات الذي ألقاه في الأمم
المتحدة سنة 1974 الى جانب محمود درويش وشفيق الحوت وغيرهما.
مع اندلاع الحرب
الأهلية في لبنان ساهم وليد الخالدي في تقريب وجهات النظر بين القيادة الفلسطينية والزعماء
اللبنانيين الفاعلين. لكن تفاقم الوضع الأمني أزاح العقلانية عن السياسة، فتعاقد مع
جامعة هارفارد للتدريس في «مركز دراسات الشرق الأوسط» التابع لهذه الجامعة. وفي سنة
1978 نشر في فصلية
Foreign Affairs مقالة بعنوان: «دولة فلسطينية مستقلة ذات
سيادة» أثارت زوبعة من النقاش لدى ترجمتها الى العربية.
في سنة 1982 استقال
من الجامعة الأميركية في بيروت، والتحق بجامعة هارفارد التي قدمت له عرضاً لائقاً هو
«زميل أعلى في البحوث» في مركز دراسات الشرق الأوسط. وبقي في هذا الموقع حتى تقاعده
في سنة 1996. وفي هذه الأثناء، وبالتحديد بعد سنة 1982، أسهم مع حسيب صباغ وعبد الحميد
شومان وعبد المحسن القطان في إنشاء «مؤسّسة التعاون» التي كرّست جهدها للتنمية الثقافية
والاجتماعية للشعب الفلسطيني في الشتات وتحت الاحتلال.
في غمرة مشاغله الكثيرة
والمتشعبة، ظلت المكتبة الخالدية في القدس هاجسه الشاغل. والمكتبة الخالدية تضم أكبر
مجموعة فلسطينية خاصة من المخطوطات العربية، علاوة على نحو 6 آلاف كتاب بالعربية والانكليزية
جمعها أفراد العائلة الخالدية منذ القرن التاسع عشر، الى جانب مئات الوثائق التي تعود،
في معظمها، إلى الحقبة العثمانية. فبعد سقوط القدس في حزيران 1967 وقعت المكتبة الخالدية
تحت خطر المصادرة الإسرائيلية.
وبمساعدة أفراد العائلة
المقيمين في القدس وفي الشتات استطاع وليد الخالدي حماية المكتبة باللجوء الى المحاكم،
وتمكن في سنة 1985 من تسجيل «جمعية أصدقاء المكتبة الخالدية في القدس» كهيئة خاصة معفاة
من الضرائب في ولاية ماساشوستس تحت إشراف مجلس أمناء خاصّ بهذه الهيئة
لم يتوقف وليد الخالدي عن الكفاح بعد تقاعده من
جامعة هارفارد؛ فما زال يشرف على الشؤون اليومية لمؤسّسة الدراسات الفلسطينية من بوسطن
حيث يقيم موقتاً، ومن بيروت التي يقيم فيها أحياناً. ولعل قائمة مؤلفاته الكثيرة تشير
الى الإنجاز الكبير الذي حققه وليد الخالدي طوال نحو 50 سنة من الكتابة والتأليف والبحث،
فصار واحداً من ألمع الباحثين العرب، وأحد رواد البحث العلمي الفلسطيني، وواحداً من
الذين صرفوا جلّ عمرهم في النضال السياسي والفكري في سبيل قضية فلسطين وشعب فلسطين.
ولعلّ أبرز مؤلفاته كتاب «قبل الشتات: التاريخ المصور للشعب الفلسطيني» (1984)؛ «كل
ما تبقى: القرى الفلسطينية المدمرة» (1992)؛ «خمسون عاماً على تقسيم فلسطين»
(1997)؛ «الصهيونية في مئة عام» (1997)؛ «خمسون عاماً على حرب 1948» (1998).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق